نظارتي الشمسية

بحثت كثيراً في النظارات عن نظارة مناسبة أحمي بها عيناي من شدة ضوء الشمس عليها ، ورغم أني أعلم انها ستحميني إلا أني أعلم أنها ستعتم الدنيا ، ربما هناك قاسمٌ مشترك بين إكتساب المناعة ضد المؤثرات الخارجية والنظرة القاتمة للأشياء,, إنه نفس الاحساس الذي ينتابك عندما تحب ان تمنع الفيروسات من الانتشار داخل جسدك فتأخذ لها دواء كالعلقم ، دائما الاشياء القاتمة مفيدة ، والأشياء الجميله التي تمثل ضوءً لرغباتنا أقل نفعاً 


انفقت الكثير من الوقت والمال لأجد شيئا مناسباً ، أجرب هذه النظارة فلا تناسبني فأضعها مكانها مرة اخرى ..،وهكذا فلم تبقَ نظارة على الرف الا وجربتها ، فليس هناك أغلى من عيني لأحافظ عليها، وأخيرا وجدتها ها هي .. 


نظرت في المرآة ..أعتقد أنها ملائمة لوجهي ..
تحدد تفاصيل أنفي وتأكل منه جزءأ فيبدو للناظر لي أنه صغير أكثر .من وجهة نظري إذا صَغُر الأنف زاد الوجه حسناَ أحب الانوف الصغيرة ..
كماأنها حجبت عيناي عن الناس حتى لا يستطيعون قرأتي وقراءة ما بداخلي ، لأن المرآة
دائماً " عيني " وهي غالباً لا تجيد التصنّع ولا التقنّع ولا التزّيف أو افتعال مشاعر غير حقيقة .. وهذا كان المطلوب أن لا أُظهر أي صدق للناس فهم أحيانا يتصنعون عندما يشعرون أن احداً ما يراقبهم فلا أريدهم الا على طبيعتهم ولا أحب ان يراقبوني ، يكفيني ان أراقبهم انا .



مشيت بها في الشارع .. 
متعةٌ كبيرة ان تنظر للناس وتراقبهم وتحتلهم بعيناك وهم لا يروك .. ، وقمة النشوة أن تقرأ الحكايات على وجوههم وهم لا يشعرون ، تسمع صراخ تجاعيد العجزة منهم وأنين الشباب الذي يشكو صعوبة الحياة كل ذلك يحدث في صمت والصمت يصرخ وأنا أسمعه بعيني من تحت تلك النظارة ،حتى الاطفال سُرقت طفولتهم فلم يعودوا اطفال .. يتحدثون كأنهم كهول ، وكأنهم نزلوا من بطن أمهاتهم مستعدين لقسوة الحياة فحتى مخارج حروفهم يقسون عليها ويضغطون عليها بألسنتهم ليخرجوا لنا لغة غريبة ، محملة بالقسوة وكأن القسوة والتجمد هما العملة المتداولة في الحياة فحتى الاطفال يدركونها .



والنساء لم يعدن جميلات ، فحتى المظاهر غريبة فـلم يعد هناك من يبالي بمظهره .. فأجمل من فيهم في نظري قبيح ،
ما الذي يحدث؟؟؟
لا مجال لهم ان يفتعلوا شيئا .. كلهم يرتجلون وينجحون بالإرتجال مرددين " كلو ماشي بالبركة " ..!!
هل هذه القتامة حقيقية بالفعل ام هي تاثير تلك النظارة ؟ 


ما تمنيته هو شئ واحد فقط .. هو أن تكون تلك السحابة القاتمة من تأثير النظارة وانه بمجرد ان أزيلها من على عيني سيبدو كل شيء جميل وعلى ما يرام ,,
ولكن ما خشيته جدا .. هو ان تكون تلك القتامة حقيقية بالفعل ولا يكون لنظارتي ذنب فيها ..

أشعر أني ارتديت نظارة سحرية وليست شمسية !! .. تسمع وترى وتُترجم في سرية 

وبينما أقلب في وجوه الناس ككتاب قصص مفتوح ..
سقطت عيني على احدهم كان يراقبني بنظارتي .. 
إقترب ثم قال : يالكِ من متكبره .. 
أزيلي هذه النظاره من تظنين نفسكِ .. 
خيلاءُ فارغ ومظاهر كاذبة تبا لك ِ

فرغم تنكري في تلك النظاره وصمتي وشرودي وانعزالي التام ...
لم أسلم من إساءة الفهم ..
تُرجم ارتدائي للنظارة انه تكبر وخيلاء .. 

عفواً نظارتي الشمسية .. ظلمتكِ 
أنه ما أخشاه .. عالمُ قاتم بالفعل ولا ذنب لكِ يانظارتي